منذ بدء الخليقة والإنسان يبحث دائماً عن ايجاد طريقة مثلى وجيدة للإعتناء بنظافة
فمه و أسنانه اقتناعاً منه بأن هذا هو المدخل الرئيسي والطبيعي للطعام والجهاز
الأول المسؤول عن استقبال كل مايدخل إلى المعدة , لذلك يجب أن يكون نظيفاً
. و بداية كما يحدثنا التاريخ القديم استخدم الإنسان الأول ريش الطيور و الزغب في
تنظيف أسنانه , و كذلك عظام بعض الحيوانات ثم قطعاً صغيرة من القماش الخشن
, إلى بعض أنواع الأخشاب والأشجار حتى وصلنا إلى استخدام فرشاة الأسنان
الكهربائية و أنواع المعاجين المختلفة الأشكال والألوان والمذاق والمحتويات، إلى
تيارات المياه المندفعة والخيوط الحريرية .. الخ . و كلها محاولات منذ القدم و حتى
الآن للحفاظ على فم نظيف و أسنان بيضاء ناصعة تعطي ابتسامة براقة و ثقة عالية
في النفس و مخارج ألفاظ صحيحة إلى آخر وظائف الأسنان المتعددة و المعروفة
.
وكان لنا نحن المسلمين السبق أيضاً في هذا المضمار , فمنذ أكثر من ألف و أربعمائة
عام قريباً و المسلمون يستخدمون نوعاً من الأخشاب الجافة التي تقوم بنظيف
الأسنان و تعطير و تطهير الفم و هو مايعرف بالمسواك.
و عملية السواك هي عملية تنظيف الأسنان لما تقوم به من حركة ميكانيكية هي
نفسها التي تقوم بها فرشاة الأسنان . و قد أوصى الرسول الكريم صلوات الله و
سلامه عليه حين قال : ” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة “.
و على الرغم من التطور الرهيب والمذهل في عالم طب الأسنان و أساليب العلاج
والاختراعات المتلاحقة للأجهزة و الأدوات التي تستخدم في تنظيف الأسنان إلا أن
المسواك لازال يحظى باهتمام و استخدام العديد من المسلمين في كافة
الأقطارالإسلامية كأداة وحيدة تقوم بهذه المهمة و هي تنظيف الأسنان و تعطير و
تطهير الفم مما حدا بالكثير من العلماء و الباحثين العرب و الأجانب على السواء إلى
تكثيف جهودهم و عمل الكثير من الأبحاث الميدانية و العملية و الاكلينيكية لمعرفة
المزيد والمزيد عن المسواك ، و نذكر من هؤلاء على سبيل المثال لويس اولفن و
كيمري و أولسن و من العرب عيد و الشمري و المصطيهي و يونس و الانجباوي و
غيرهم الكثير ممن أثروا هذا الجانب العلمي و البحثي .
و نحن نحصل على المسواك من شجرة تسمى سلفادورا بيرسكا و هي تنمو في بعض
بلدان الشرق الأوسط و خاصة منطقة الجزيرة العربية و المملكة العربية السعودية و
خاصة المنطقة المحيطة بمكة المكرمة .
و شجرة السلفادورا شجرة صغيرة في الحجم و قصيرة و لكنها كثيرة التفرع حيث
يبلغ قطرها من الجذع حوالي ذراع أي 30 سم و يسهل كسر تفرعاتها و جذورها
بسهولة لتعطي قطعاً صغيرة من الخشب الاسفنجي الذي يتشرب الماء بسهولة و
يزيد حجمه .و لكي نستخدم المسواك يجب أولاً أن ننزع القشرة الرقيقة التي تحيط
بالألياف بمقدار قليل يساوي طول فرشاة الأسنان و يسمح لنا باستخدامه فوق أسطح
الأسنان المختلفة بحركة دائرية تشبه حركة فرشاة الأسنان تماماًو في اتجاه اللثة و
ليس عكس اتجاهها حتى لا يؤدي هذا إلى تآكل اللثة , أي أننا نضع الألياف على
أسطح الأسنان السفلية و ننظف إلى أعلى بحركة نصف دائرية . و بعد استخدام
المسواك يفضل أن يحفظ في مكان بارد مثل الثلاجة حتى لا يفقد عصارته و يجف.
و كلما تآكلت الألياف الظاهرة تقص و تهذب و ينزع جزء آخر من القشرة لاستخدام
جزء جديد حتى ينتهي تماماً. و هناك أنواع عديدة مختلفة من حيث السماكة , و قد
وجد أنه كلما قل سمك المسواك كان أجود في التحكم و الحركة على أسطح الأسنان
, كذلك تساعد العصارة الموجودة داخل نسيج المسواك على تسهيل حركته و هي ذات
طعم مستساغ و تساعد على الهضم بعض الشيء و تقتل بعض البكتيريا الضارة في
الفم .
و يجدر الذكر هنا أن هناك أنواعاً كثيرة جداً من الأشجار تنمو في أفريقيا و تستخدم
لأغراض طبية كثيرة و متعددة منها عسر الهضم أو الحموضة أو ارتفاع ضغط الدم
أو أمراض القلب والشرايين و الكبد و الكلى و علاج الصداع .. الخ
إلا أن المسواك يستخدم في تنظيف الفم و الأسنان أساساً , و يعتقد كما أثبتت الأبحاث
أن القيمة الرئيسية للمسواك تكمن في الحركة الميكانيكية للألياف على أسطح
الأسنان , مما يؤدي إلى إزالة طبقة البلاك المتكونة على أسطح الأسنان و هي عبارة
عن طبقة لزجة من بقايا الطعام و بكتيريا الفم لها خاصية الإلتصاق الشديد بأسطح
الأسنان .
و هناك بعض الأبحاث الكيميائية و الميكروبيولوجية التي أثبتت أن هناك بعض
العناصر داخل عصارة المسواك تؤدي إلى تقليل الإلتهابات بالفم و قتل البكتيريا
الضارة الموجودة بالفم , و يدعم هذه الأبحاث استخلاص هذه المواد و إضافتها إلى
بعض أنواع المعاجين لكنها لم تعط نفس النتائج التي نحصل عليها من خلال استخدام
المسواك مفسه , و كذلك ضمن المسواك على صورة بودرة ناعمة لم تؤد إلى نتائج
أيضاً , و إنما تكمن فعالية المسواك في استخدامه كما هو وليس أي محتوى من
محتوياته .
و كذلك و جدت الأبحاث الحديثة أن المسواك يحتوي على نسبة عالية من فيتامين
(ج) المهم لصحة اللثة و منع النزيف , و كذلك على كمية كبيرة جداً من الفلوريد
الذي يقوي الأسنان و يمنع التسوس , كذلك يحتوي على مادة التراي مثيل آمين و
الكالويدسلفادور و الكلوريدو كميات قليلة من التانين و الفلافنويد و الاسترول , و
هي كلها مواد تساعد على تقليل الإلتهابات و مضادة للأحماض و تقتل بعض أنواع
البكتيريا الضارة .
يبقى أن نشير إلى أن المسواك هو آداة لتنظيف الأسنان و استخدامها بالطريقة
الصحيحة يفيد , بينما الإستخدام الخاطئ سوف يؤدي إلى تآكل اللثة و انكشاف جذور
الأسنان و زيادة حساسيتها و هو ما ينطبق على كل أدوات تنظيف الأسنان بما في
ذلك فرشاة الأسنان نفسها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق